رؤوف شحوري - الأنوار
اذا كان النائب سعد الحريري والزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط ينتميان الى كتلة متراصة واحدة هي فريق (14 آذار)، ومتفقين على استراتيجية واحدة كما يؤكد الحريري، فالسؤال هو: لماذا لا يذهبان معاً الى واشنطن? ولماذا يصر الرئيس بوش على استقبال كل منهما منفرداً? وهل الكلام الأميركي سيكون واحداً في كل لقاء? وفي هذه الحالة، ما الفائدة من التجزئة? أما اذا كان الكلام الأميركي سيكون مختلفاً في كل لقاء عن الآخر، فما هي مصلحة الزعيمين اللبنانيين في ذلك? بل وما هي مصلحة فريق (14 آذار) ككل? الولايات المتحدة لاعب منفرد في العالم وبخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وبصفة أخص في عهد الرئيس بوش. وهي رفضت دور الشراكة مع رؤساء من أمثال طوني بلير وجاك شيراك وفلاديمير بوتين وغيرهم، وهم يمثلون دولاً عظمى كبريطانيا وفرنسا وروسيا، كما لم تعترف بأي استثناء لأحد. وأميركا تعمل على المستوى القاري، وليس لبنان في نظرها أكثر من - عفواً من الوطن - (موطئ قدم) على رقعة الشرق الأوسط، ولن يكون هو الاستثناء، ولن يكون لأي زعيم سياسي فيه أكثر مما كان لبلير وشيراك وبوتين! *** السياسة في عهد بوش صدامية وقمعية، ولا تعترف بالهزيمة، وستظل تهاجم وتضرب وتحاول حتى اليوم الأخير من ولاية بوش الى أن تحقق ما تعتبر أنه (انجاز للمهمة) و...النصر! وكانت تعتقد أنها قادرة على تحقيق الهدف بالقوة العسكرية الطاغية وحدها. وطورت سياستها بعد ثلاث سنوات من الفشل الى الضرب على محورين: الأول بالقوة العسكرية والثاني هو تفتيت مسرح العمليات وتقسيمه الى كيانات متنافرة. والسياسة الأميركية بصفة عامة، وخاصة في عهد بوش، حادة وقاطعة. ومنطقها هو: اذا كانت التفاحة (أو النفط!) بيد غيرك فالمهمة هي أن تخطفها لنفسك. واذا كانت التفاحة بيدك، فهذا العقل الأميركي المستأثر، لا يفهم معنى أن يتقاسمها مع غيره. وهذا هو موقف الادارة الأميركية في أفغانستان والعراق والشرق الأوسط وأوروبا وآسيا والصين.
***وصلت ادارة بوش الى وضع في لبنان تعتقد معه أنها أصبحت الناخب الوحيد في الانتخابات الرئاسية اللبنانية ما دامت إمكانية الانتخاب بالنصف+1 قائمة ومستمرة. وما دامت التفاحة في يدها فهي لا تفهم أن تتقاسمها مع غيرها. أما اذا كان هذا الخيار يخلق مشكلة للبنانيين فهذه مشكلتهم هم لا مشكلتها هي، في نظرها. ولبنان هو الساحة الوحيدة التي تستطيع أميركا أن تستخدمها للضغط على كل الأطراف الأخرى العربية، المعادية لها أو حتى الصديقة، عند الضرورة. ولن يستمع سعد الحريري في البيت الأبيض الى غير نصيحة المضي بخيار النصف+1 وليس بخيار الرئيس التوافقي، الذي أياً كانت هويته سيضطر الى اتباع سياسة غير صدامية، لا مع سوريا ولا مع غيرها. أما وليد جنبلاط فليس في حاجة الى أن يستمع الى ما يقنعه بما هو مقتنع به أصلاً وموجة التفاؤل الراهنة في لبنان هي نوع من تعاطي الوهم اللذيذ، والعبرة هي في التعاطي مع الحقائق المرة باقتراب مواعيد الاستحقاق!

No comments:
Post a Comment