هيام القصيفي
ليست المرة الاولى تحاول القوى السياسية اشاعة اجواء تفاؤلية تعطي اللبنانيين أملا بقرب انتهاء الازمة الداخلية. فمنذ انعقاد طاولة الحوار العام الماضي
يسعى عدد من القادة السياسيين الى الايحاء ان الاتصالات على قاب قوسين من اتخاذ قرارات مصيرية ايجابية تخرج لبنان من عنق الزجاجة. لكن تجربة العامين الاخيرين اثبتت بما لا يقبل الشك، ان هذه الايحاءات لا تهدف سوى الى امرار الوقت في انتظار بلورة المنحى الاقليمي في اتجاه الحرب او السلم في المنطقة.لا يختلف ما حدث في اليومين الاخيرين عما سبق ذكره، ولم تخرج الحركة المكوكية بين بكركي وعين التينة وقريطم والرابية ومعراب، عن هذا السياق، ولم ينخدع بها احد من المعنيين والمتابعين. فالاستحقاق الرئاسي هو خط تماس بين واشنطن من جهة وايران وسوريا من جهة اخرى، تماما كما يمثل الوضع في افغانستان وباكستان والعراق وغزة، من تقاطع دولي واقليمي بين الغرب وايران وسوريا. من هنا فان معظم المطلعين من فريقي 8 و14 آذار، يحاولون قدر الامكان المحافظة على اكبر قدر من التواصل في انتظار اربعة استحقاقات دولية على مستويين.الاول هو الوضع العراقي والباكستاني.فالانظار العربية والغربية متجهة الى المنحى الذي سيتخذه القرار غير الملزم الذي اتخذه مجلس الشيوخ الاميركي بتقسيم العراق ثلاث دول طائفية. وخطورة هذا القرار، بحسب ما قرأته اوساط سياسية في لبنان، انه تقدم به سناتور ديموقراطي لا جمهوري هو جوزف بيدن، ولو ان الهدف منه التخفيف من الوجود الاميركي في العراق. وخطورته ايضا انه يعطي ملامح اولية عن الوضع الامني الذي تقبل عليه المنطقة. فكيف يمكن ان يكون المنحى الاميركي، ولو عبر قرار غير ملزم، تقسيم العراق، ويكون الوضع اللبناني في المقابل وضعا مستقرا، متجها الى اجراء انتخابات رئاسية ديموقراطية؟ وكيف يمكن ان تقابل سوريا وايران الوضع العراقي المترجح بين التقسيم والحرب، بفرض السلم في لبنان؟في المقابل فان الوضع الباكستاني بدأ يتقدم اولويات المفكرة الاميركية. اذ تخشى واشنطن اي تطور دراماتيكي في الملف الباكستاني، ومصير الرئيس برويز مشرف من دون ان ننسى ما تعنيه باكستان التي تمتلك قنبلة نووية يطلق عليها الاميركيون القنبلة النووية السنية. وهذان الملفان يطغيان حاليا على اهتمامات الدول العربية والاميركية على السواء
.اما المستوى الثاني من الاستحقاقات فهو بلورة الاتصالات الهادفة الى عقد مؤتمر دولي في واشنطن في تشرين الثاني، وهو ما يبدو حتى الان انه يعقد من دون اجندة واضحة وحاسمة، وانه يعقد من دون توقع الخروج منه باي نتائج جدية. من هنا جاء الرد السعودي المتريث في بت مستوى المشاركة فيه. ويرتبط هذا المؤتمر بوضعين ميدانيين حساسين، الوضع في غزة ولبنان، وكلاهما حساس امنيا، ومرتبط مباشرة بدور سوريا وايران في المنطقة ووصولاً الى افغانستان. ولا ينكر احد ان احتمالات الرد السوري والايراني في غزة توازي احتمال الرد في لبنان اذا تعثرت كل الاستحقاقات الاقليمية الداهمة، وهو ما يعني ان حماس يمكنها في اي لحظة قلب الطاولة في غزة، وتفجير الوضع في اسرائيل. وهو امر تدرك تل ابيب خطورته، من هنا عدم قيام الرئيس الاسرائيلي حتى الان بتقديم اي تنازلات للرئيس الفلسطيني محمود عباس، خشية اطاحة كل التقديمات سلفا على مذبح الخلاف الاقليمي بين سوريا وواشنطن.كيف تنعكس هذه الاستحقاقات على لبنان؟لا شك في ان واشنطن لم تتخل عن الملف اللبناني، الا انه لم يعد ملفا اول وحيدا، بل تقدمته كل الملفات الداهمة السابقة الذكر. الا ان اهم ما يميز هذا الملف انه لا يزال يحظى برعاية مباشرة من وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. وهذا الامر يثير الاطمئنان الفرنسي، لانها وحدها قادرة على دفع الملف اللبناني خارج الثلاجة وغرفة الانتظار الطويلة.فحتّى الان لا يبدو ان الاستحقاق الرئاسي يدرس بتفاصيله النهائية على الطاولة الاميركية الرسمية المنهمكة بوضع قواتها من المحيط الى الخليج، وهو ما يتيح للفرنسيين، بالاتفاق مع الدوائر الفاتيكانية في هذه المرحلة، متابعة الملف اللبناني، من اجل الاستحقاق الرئاسي. والفرنسيون بحسب ما ينقل زوار باريس اخيرا، يعرفون تماما ان واشنطن لن تسمح لهم بالتدخل في القضايا الكبرى كافغانستان وباكستان والعراق، لكنها يمكن ان تستفيد من وجودهم في المتوسط لالف سبب. والفرنسيون مرتاحون الى هذا الدور الذي يجعلهم مساهمين بجدية في انجاز الاستحقاق الرئاسي.والخرق الفرنسي الفاتيكاني، بالتعاون مع رايس، من شأنه في ربع الساعة الاخيرة ان يساهم في تقديم مرشح توافقي مقرب من البطريرك الماروني، يكون رئيسا لادراة الازمة، لا يزعج السوريين ولا الاميركيين، لان لا احد لديه وهم ان الرئيس المقبل قادر على حل كل المشاكل الامنية والسياسية بكبسة زر.الا ان رئيسا باقل قدر ممكن من الخسائر، قادر بحسب الفرنسيين على تجنيب الاميركيين والمنطقة جرحا نازفا جديدا في الوقت المستقطع لرسم خريطة المنطقة. والا فان السيناريو الاخر، بحسب ما ابلغته المعارضة، لن يكون باقل من حكومتين واعتصام مدني شامل ووضع اليد على الادارات الرسمية. لكن الاسوأ هو ذهاب المعارضة الى انتخاب رئيس للجمهورية، اذا انتخبت الاكثرية رئيسا بمن حضر. وحينها تكون مهلة الشهرين المقدمة الموسيقية لعزف لحن الانهيار
يسعى عدد من القادة السياسيين الى الايحاء ان الاتصالات على قاب قوسين من اتخاذ قرارات مصيرية ايجابية تخرج لبنان من عنق الزجاجة. لكن تجربة العامين الاخيرين اثبتت بما لا يقبل الشك، ان هذه الايحاءات لا تهدف سوى الى امرار الوقت في انتظار بلورة المنحى الاقليمي في اتجاه الحرب او السلم في المنطقة.لا يختلف ما حدث في اليومين الاخيرين عما سبق ذكره، ولم تخرج الحركة المكوكية بين بكركي وعين التينة وقريطم والرابية ومعراب، عن هذا السياق، ولم ينخدع بها احد من المعنيين والمتابعين. فالاستحقاق الرئاسي هو خط تماس بين واشنطن من جهة وايران وسوريا من جهة اخرى، تماما كما يمثل الوضع في افغانستان وباكستان والعراق وغزة، من تقاطع دولي واقليمي بين الغرب وايران وسوريا. من هنا فان معظم المطلعين من فريقي 8 و14 آذار، يحاولون قدر الامكان المحافظة على اكبر قدر من التواصل في انتظار اربعة استحقاقات دولية على مستويين.الاول هو الوضع العراقي والباكستاني.فالانظار العربية والغربية متجهة الى المنحى الذي سيتخذه القرار غير الملزم الذي اتخذه مجلس الشيوخ الاميركي بتقسيم العراق ثلاث دول طائفية. وخطورة هذا القرار، بحسب ما قرأته اوساط سياسية في لبنان، انه تقدم به سناتور ديموقراطي لا جمهوري هو جوزف بيدن، ولو ان الهدف منه التخفيف من الوجود الاميركي في العراق. وخطورته ايضا انه يعطي ملامح اولية عن الوضع الامني الذي تقبل عليه المنطقة. فكيف يمكن ان يكون المنحى الاميركي، ولو عبر قرار غير ملزم، تقسيم العراق، ويكون الوضع اللبناني في المقابل وضعا مستقرا، متجها الى اجراء انتخابات رئاسية ديموقراطية؟ وكيف يمكن ان تقابل سوريا وايران الوضع العراقي المترجح بين التقسيم والحرب، بفرض السلم في لبنان؟في المقابل فان الوضع الباكستاني بدأ يتقدم اولويات المفكرة الاميركية. اذ تخشى واشنطن اي تطور دراماتيكي في الملف الباكستاني، ومصير الرئيس برويز مشرف من دون ان ننسى ما تعنيه باكستان التي تمتلك قنبلة نووية يطلق عليها الاميركيون القنبلة النووية السنية. وهذان الملفان يطغيان حاليا على اهتمامات الدول العربية والاميركية على السواء
.اما المستوى الثاني من الاستحقاقات فهو بلورة الاتصالات الهادفة الى عقد مؤتمر دولي في واشنطن في تشرين الثاني، وهو ما يبدو حتى الان انه يعقد من دون اجندة واضحة وحاسمة، وانه يعقد من دون توقع الخروج منه باي نتائج جدية. من هنا جاء الرد السعودي المتريث في بت مستوى المشاركة فيه. ويرتبط هذا المؤتمر بوضعين ميدانيين حساسين، الوضع في غزة ولبنان، وكلاهما حساس امنيا، ومرتبط مباشرة بدور سوريا وايران في المنطقة ووصولاً الى افغانستان. ولا ينكر احد ان احتمالات الرد السوري والايراني في غزة توازي احتمال الرد في لبنان اذا تعثرت كل الاستحقاقات الاقليمية الداهمة، وهو ما يعني ان حماس يمكنها في اي لحظة قلب الطاولة في غزة، وتفجير الوضع في اسرائيل. وهو امر تدرك تل ابيب خطورته، من هنا عدم قيام الرئيس الاسرائيلي حتى الان بتقديم اي تنازلات للرئيس الفلسطيني محمود عباس، خشية اطاحة كل التقديمات سلفا على مذبح الخلاف الاقليمي بين سوريا وواشنطن.كيف تنعكس هذه الاستحقاقات على لبنان؟لا شك في ان واشنطن لم تتخل عن الملف اللبناني، الا انه لم يعد ملفا اول وحيدا، بل تقدمته كل الملفات الداهمة السابقة الذكر. الا ان اهم ما يميز هذا الملف انه لا يزال يحظى برعاية مباشرة من وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. وهذا الامر يثير الاطمئنان الفرنسي، لانها وحدها قادرة على دفع الملف اللبناني خارج الثلاجة وغرفة الانتظار الطويلة.فحتّى الان لا يبدو ان الاستحقاق الرئاسي يدرس بتفاصيله النهائية على الطاولة الاميركية الرسمية المنهمكة بوضع قواتها من المحيط الى الخليج، وهو ما يتيح للفرنسيين، بالاتفاق مع الدوائر الفاتيكانية في هذه المرحلة، متابعة الملف اللبناني، من اجل الاستحقاق الرئاسي. والفرنسيون بحسب ما ينقل زوار باريس اخيرا، يعرفون تماما ان واشنطن لن تسمح لهم بالتدخل في القضايا الكبرى كافغانستان وباكستان والعراق، لكنها يمكن ان تستفيد من وجودهم في المتوسط لالف سبب. والفرنسيون مرتاحون الى هذا الدور الذي يجعلهم مساهمين بجدية في انجاز الاستحقاق الرئاسي.والخرق الفرنسي الفاتيكاني، بالتعاون مع رايس، من شأنه في ربع الساعة الاخيرة ان يساهم في تقديم مرشح توافقي مقرب من البطريرك الماروني، يكون رئيسا لادراة الازمة، لا يزعج السوريين ولا الاميركيين، لان لا احد لديه وهم ان الرئيس المقبل قادر على حل كل المشاكل الامنية والسياسية بكبسة زر.الا ان رئيسا باقل قدر ممكن من الخسائر، قادر بحسب الفرنسيين على تجنيب الاميركيين والمنطقة جرحا نازفا جديدا في الوقت المستقطع لرسم خريطة المنطقة. والا فان السيناريو الاخر، بحسب ما ابلغته المعارضة، لن يكون باقل من حكومتين واعتصام مدني شامل ووضع اليد على الادارات الرسمية. لكن الاسوأ هو ذهاب المعارضة الى انتخاب رئيس للجمهورية، اذا انتخبت الاكثرية رئيسا بمن حضر. وحينها تكون مهلة الشهرين المقدمة الموسيقية لعزف لحن الانهيار

No comments:
Post a Comment